بغداد 24 ـ بغدا د
وجه رئيس رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي اليوم السبت 28 اب 2021 كلمة خلال افتتاح مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة وأبرز ماجاء فيها :
باسم شعب العراق نرحب بكم في بغداد، السلام والتأريخ والمستقبل، مقدّراً هذه المشاركة في مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، وهي المشاركة التي ينظر إليها شعبنا بأنها رسالة دعم وتضامن من قبل أشقائه وجيرانه وشركائه.
يعقد هذا المؤتمر في ظرف حساس وتأريخي ليمثل زخماً جديداً لمساعي العراق، بتوطيد علاقاته الخارجية على أُسس التعاون والتضامن والتفهم المشترك والعلاقات الأخوية والمصالح المشتركة.
واجه العراق خلال المراحل السابقة تحديات كبيرة، لكنه قطع خطوات واسعة لتجاوز تلك التحديات بإرادة شعبنا، وإصراره على العمل والحياة؛ من أجل مستقبل يليق به، بمساعدة كل إخوانه وجيرانه.
إن انعقاد هذا المؤتمر في بغداد، يجسد رؤية العراق بضرورة إقامة أفضل العلاقات مع دول العالم مبنية على أسس التعاون، والتكامل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتغليب لغة الحوار والشراكات والاحترام المتبادل.
تعهدنا مع استلام هذه الحكومة المسؤولية، أن يستعيد العراق دوره الريادي الطبيعي في المنطقة، عبر استلهام مبادئ الأمن والسلم والتعاون، والرغبة في تعزيز المشتركات.
إن دور العراق التأريخي يكمن في أن يكون أحد ركائز الاستقرار في المنطقة، ووضعنا أساساً صلباً لتعريف هذا الدور، يبدأ برفض استخدام الأراضي العراقية ساحةً للصراعات الإقليمية والدولية، او أن يكون منطلقاً للاعتداء على جيرانه من أي جهة كانت.
نطمح لقطع أشواط أكبر على مستوى إعادة إعمار عراقنا، خصوصاً بِناه التحتية التي تعرضت إلى أضرار كبيرة منذ عقود؛ بسبب الحروب العبثية والإدارة الخاطئة والإرهاب، والسلاح المنفلت.
نطمح للتعاون، والدعم من كل الأصدقاء، بوضع مدن العراق على خريطة التحديث والاستثمار والتنمية وترسيخ الحكم الرشيد.
فتحنا الباب لاستقبال الشراكات الاستثمارية مع جيراننا وأصدقائنا في كل العالم، ولمسنا حماسة كبيرة على مستوى رغبة الجميع في دعم هذا الاتجاه.
نعترف أن هناك بعض التحديات في مجال تسهيل الاستثمارات في العراق، ونعمل من خلال الإجراءات الحكومية والإصلاحات الاقتصادية على تجاوزها.
نأمل من خلال هذا المؤتمر واللقاءات الثنائية والجماعية أن نحقق الشراكات الاقتصادية الكبرى للإعمار والبناء؛ ليكون العراق مساهماً قوياً في انماء المنطقة عبر التكامل الاقتصادي المستند إلى المشتركات التأريخية والجغرافية والثقافية.
انتصر شعب العراق على أعتى التنظيمات الإرهابية الظلامية في العصر الحديث المسمى تنظيم (داعش) خوارج العصر، وتحقق الانتصار بمساعدة وتضامن الأشقاء والجيران والمجتمع الدولي.
القضاء على تنظيم داعش انتصار لشعوب المنطقة وللإنسانية جمعاء، لأن الإرهاب والتطرف بكل أشكاله يمثل خطراً مشتركاً، وقد خاض العراقيون حربهم العادلة ضد الإرهاب بالنيابة عن العالم ودفاعاً عن المعاني الإنسانية.
ما زال الإرهاب يحاول أن يجد له موطئ قدم، ولكننا نقضي باستمرار على تلك المحاولات اليائسة بإرادة شعبنا المحب للسلام والحياة، والرافض لكلّ أشكال التطرف والعنف وبجاهزية قواتنا المسلحة بكل صنوفها.
القضاء التام على الإرهاب يتطلب مواجهة الظروف والبيئات التي تسمح بنمو هذه الجماعات، وتلك مهمة تتجاوز العامل العسكري إلى ثقافة الحوار والتسامح والتنمية الاقتصادية والبشرية.
كان لقاء سماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني المشهود له بالمواقف الإنسانية والوطنية الكبيرة، مع سماحة الحبر الأعظم قداسة البابا فرنسيس يمثل نقلة نوعية في أسس التسامح والأخوّة الإنسانية.
كنت قبل أيام في مدينة سنجار بمحافظة نينوى، للعمل على إعادة المتبقي من النازحين منها، بعد أن قطعنا أشواطاً كبيرة في إعادة غالبية النازحين إلى مدنهم التي هجروها خلال احتلال تنظيم داعش لها.
نسعى إلى تفعيل المشاريع الرامية إلى استعادة الحياة الطبيعية في كل مدن العراق، رغم التحديات، تحقيقاً لتطلعات شعبنا ومطالبه المشروعة بالإصلاح.
ينظم العراق في العاشر من تشرين الأول المقبل انتخابات نيابية مبكرة تحدد المسارات المقبلة، وقد طلبنا من المجتمع الدولي دعم الانتخابات من خلال فرق المراقبة، وكانت الاستجابات إيجابية من المنظمات الدولية والإقليمية والدول الصديقة.
الشعب العراقي احتكم إلى المسار الديمقراطي لتحديد خياراته، وهذا المسار يتطور عبر التجارب وتتم معالجة بعض النواقص فيه، فلا عودة إلى الماضي، ولا عودة للمسارات غير الديمقراطية، ولا عودة للعلاقات المتوترة مع الجيران والأصدقاء.
إن ما يجمع دول وشعوب منطقتنا من مشتركات، أكبر بكثير مما يفرقها وإن لغة النوايا الحسنة وبناء الثقة وفتح أبواب التعاون والشراكة هي الرافعات الأساسية للأمن والسلم للمنطقة، وبالتالي الأمن والسلم الدولي.
أجدد شكري لكم جميعاً لحضوركم هذا المؤتمر في بغداد السلام، والعروبة، والتأريخ، والثقافة، وأشكر الجهود التي بذلتها الجمهورية الفرنسية لحضور هذا المؤتمر والتنسيق له.
أتمنى أن يكون هذا اللقاء، محطة جديدة على طريق تحقيق تطلعات الشعب العراقي، وشعوب منطقتنا والمضي معاً إلى مستقبل يليق بتأريخنا ومشتركاتنا.