أول شيئ أشعرُ بهِ لو وليتُ حُكمَ العراق


بقلم الكاتب : هادي جلو مرعي
الخزي
أول ماسينتابني من شعور، نعم هو الخزي،

وإسمحوا لي أن أبين لكم السبب.
حين أرى المدن المدمرة أتذكر شيئا أن إخر مايستحقه العراقيون هو أن يوصفوا بالشعب العظيم، فالشعب العراقي ليس عظيما لأنه يطلق وصف العظيم على حاكمه وزعيمه، ويعبده ويواليه خاصة إذا كان حاكما جلادا، ويجيد حفر القبور التي تتسع لآلاف الجثث، ولاأحد يعتبر، فرجل الدين يرفع يديه الى السماء داعيا للجلاد بالحفظ والسلامة والعافية، وجموع الناس تندفع مع الجلاد لتحفر القبور، وحين يذهب، لايتوقفون ليتفكروا، ويعتبروا من قصص الأمم الغابرة التي أهلكها الله بأنواع البلاءات حين إستقوى الناس فيها على بعضهم، ولم يرحموا بعضهم، فكانوا طوائف وجماعات تقصي بعضها، وتذل بعضها، ولايريد أحد أن يتفكر، فبعد كل مرحلة حكم تزول يتمسك المنتفعون من الحكم الزائل به، ويحولونه الى أسطورة، بينما يستبد الحاكمون الجدد، ويفسدون في الأرض، وينهبون خيرات الشعب بلارحمة، ويعطلون الإعمار والبناء، ويحرمون الناس من حقوقهم في الماء والكهرباء والعلاج الطبي والتعليم والطرق المعبدة، فيكون تعبيد طريق بالإسفلت َمعجزة.
أي خير رآه العراقيون من حكامهم منذ مائة عام، وحتى اللحظة، بإستثناء العويل والجوع والمرض والحروب والحصارات والزنازين والمغيبين في السجون، أو الذين دفنوا في مقابر جماعية، وأضحك حزنا حين يبكي عراقيون على مغيبيهم، ويتجاهلون مغيبين سبقوا، وإخرين سيتم تغييبهم، لمجرد أنهم ينكرون جرائم حاكم، ويتهمون غيره، كما في فساد أحزاب وجماعات اليوم، فأنصار كل فئة يدافعون عن مسمى فاسد، ويبرأونه، ويلصقون التهم بمنافسه، بينما كلاهما فاسد، وغارق في الفساد.
لن يرفع الرب نقمته، وعذابات الحصار والفساد والحروب عن العراقيين حتى يترفعوا عن نصرة الظالمين والفاسدين وولاءاتهم للحكام الظالمين من سنة 1920 وحتى اللحظة، وأن يكف الكثير منهم عن الكذب والتدجيل بمحاربة الطائفية على تويتر وفيسبوك وعلى الفضائيات، وهم في سرهم يكرهون بعض، ويقصون بعض، ويتمسكون بطائفيتهم برغم إدعائهم الوطنية.
مداخل بغداد منذ 1920 وصمة عار في جبين كل من حكم العراق، فهي مخزية وبائسة برغم وجود السيطرات ونقاط التفتيش، وكل شيء في العراق بائس، ومحافظاته بائسة، فكيف لاأشعر بالخزي حين أكون حاكما فيه.

Exit mobile version