
بغداد 24 – العراق
في زمن تتلاطم فيه التحديات الأمنية والسياسية، يبرز من رحم المعاناة من يصنع الفرق، ويتجاوز كل الحواجز الذكورية الصلبة التي ارتبطت لسنوات طويلة بالمؤسسة العسكرية.
واحدة من هؤلاء هي العميد الركن أنغام أحمد مفيد، المرأة التي لم تختر طريق الراحة أو النجومية الزائفة، بل اختارت درب التضحية والانضباط في سبيل الوطن.
أنغام لم تكن مجرد ضابطة عسكرية عادية، بل كانت أول امرأة في العراق والشرق الأوسط تحصل على شارة “الركن”، وهي من أعلى الرتب العسكرية التخصصية في الجيش. هذه الشارة لم تأتِ مجاملة، بل نتيجة تدريب قاسٍ خاضته في الكلية العسكرية الملكية الأردنية عام 2004، حيث كانت الدورة الأولى بعد الغزو الأميركي للعراق، واختبارًا حقيقيًا للصلابة النفسية والجسدية في آنٍ واحد.
لكن ما ميّز مسيرتها لم يكن فقط النجاح في التدريبات، بل مواقفها العملية، من توليها مناصب قيادية مثل “آمر سرية مشاة”، إلى تواجدها في الخطوط الأمامية لإخلاء الجرحى في ساحات المعارك، إلى إشرافها حاليًا على قسم التأهيل الطبي والرعاية المجتمعية في مستشفى الحسين العسكري.
هي لم تبحث عن الإعلام، ولم تركض وراء الأضواء، بل عملت بصمت في مؤسسات غالبًا ما تُقصي النساء من المناصب العليا.
لم تنتمِ إلى حزب، ولم تسجل ضدها أية سوابق، بل كان انتماؤها الوحيد للوطن، وأجندتها الوحيدة هي خدمة العراق.
أنغام تمثّل صورة ناصعة لكل امرأة عراقية مؤمنة بقدرتها على اقتحام ساحات كانت حكرًا على الرجال، ولعلها اليوم تقف رمزًا نقيًا وسط المشهد السياسي الملوّث بالصراعات والمجاملات والمصالح.
في زمن كثرت فيه الشعارات وتلاشت فيه المواقف، بقيت أنغام وفيةً للقَسَم العسكري ولضميرها.
إنها صوت المرأة القوي، لا عبر منصة سياسية ولا حملة انتخابية، بل عبر سلاح الشرف والواجب والوطن.