واجهنا الموت وما زلنا نواجهه كل يوم وفي كل لحظة وداخل اي مؤسسة تحتمي بغطاء الحكومة او سيادتها .لكن موتنا يتحقق دون شروط فانت تعيش في منفى العراق العظيم الذي يتنفس موت ويصدره على دفعات متقاربة ليلفت انظار العالم لمعاناته. لكننا اليوم لم نعد تحت المجهر فقد مل الموت منا ولم نمل منه وما زلنا نحتضنه في كل خطوة يخطوها نحونا حتى لو لم يكن بحسبانه حصد ارواح مرضى كورونا لكن حريق سببه سوء صيانة واهمال قام بالدور على اكمل وجه وقدم للموت ارواحا تصارع المرض لتعيش يوم او سنة في هذه الحياة رغم بؤسها وعزائها والسبب مجهول علنا لكنه معلوم في الخفاء ..
منذ ايام صرخ العراق مع صرخات من لامست النيران اجسادهم المتعبة والمنهكة في حادث مأساوي اقل ما يعتبر انه فاجعة ونكبة تؤرق العين وتدمع القلب ومن حالفه الحظ ونجى من هذا الحادث الاليم اصبح اليوم روحا هامدة لا يعلو لها صوت غير نحيب المرهقين فاقدي الامل ..
في اول خطوة رسمية اتخذتها الجهات الرسمية هو سحب يد وزير الصحة ومحافظ العاصمة بغداد ومدير صحة الرصافة واحالتهم للتحقيق وان بدت تلك خطوة سريعة لكنها غير مفيدة ولا ترجو منها فائدة لان سحب اليد يعتبر عقوبة مدتها تتراوح ما بين ثلاثين الى ستين يوما وهذا لا يعني الاعفاء من المنصب لكنه يعني اجازة لاراحة الضمير المتبقي لمن تسبب بهذا الحادث بشكل مباشر او غير مباشر قد يقضيها المسؤول في جزر المالديف ومن يأبه بما حصل غير ذوي الضحايا الذين قدموا ضحيتهم مقابل عشرة ملايين دينار عراقي كتعويض حكومي عن ما حدث ..
في اي بلد ذو سيادة وحكومة وتشكيلة وزارية متكاملة تعتبر ركائز الحكم الثلاث الاساسية من اهم قطاعات الحكومة واهم دعامة لاقامة الدولة وهذه الركائز هي الصحة والتعليم والقضاء ولو بدأنا نتفحص العراق من ناحية ركائزه لوجدناه افقر الدول فيها فالتعليم مدمر بالكامل من ناحية مضامين المناهج ولغاية انظمة التعليم الالكتروني والتي باتت مدعاة رعب على مستقبل الطلبة وانتفاعهم من المواد الدراسية التي تحتاج الى جهد لفهمها مرورا بشبكة الانترنيت التي اعفت كثير من الطلبة من الامتحانات بسبب سوءها فبات التعليم كابوس يؤرق اولياء الامور بالاضافة للطلبة وهذه اول ركيزة سقطت واسقطت معها مستقبل الشباب ..
اما بالنسبة للركيزة الثانية وهي الصحة فخرابها شاع لابعد نقطة في العالم وعرفت العصور الماضية انهيار المنظومة الصحية كما ستعرف ذلك العصور القادمة ..المستشفيات غير مؤهلة لاستقبال المرضى من اي نوع وجائحة كورونا كانت القشة التي رسمت على ظهر البعير بطحة ليتحسس عليها كلما ذاع تطور علمي طبي في اي بلد غير العراق وحوادث الاهمال في المستشفيات جعلت من النظام الصحي اضحوكة الزمان والاديان فلا منطق يتقبل او يستوعب ما حصل وما يحصل والاجراءات الحكومية عقيمة لدرجة مثيرة للموت ..
والقضاء كما معروف عنه فهو عدل الخالق في الارض لكن اين هي الارض حتى يقام بها العدل ؟فلا ارض ولا عدل ولا حياة تذكر على كوكب العراق …