مؤتمرالقادة الدينيين من جميع أنحاء العراق لتعزيز التلاحم وبناء النسيج الإجتماعي

 بغداد 24 ــ العراق

خاص ــ شيماء العباسي

بالإشتراك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ,عقد مكتب الأمم المتحدة للمستشار الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية وفريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب تنظيم داعش (يونيتاد) في العراق ، مؤتمره الثاني لبيان الأديان حول ضحايا تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) والناجين من جرائمه.

تمثّل هدف المؤتمر في البناء على الزخم الذي انبثق من البيان التاريخي المشترك بين الأديان الذي تبنّاه اكثر من 40 من القادة الدينيون من جميع الطوائف العراقية في شهر آذار/مايو من عام 2020، برعاية مكتب الأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية وفريق التحقيق (يونيتاد). وقد كان هدف هذا المؤتمر أيضاً ضمان بقاء المساءلة، بإعتبارها جزءاً لا يتجزأ من التماسك الإجتماعي المستدام، في صميم الدعم الذي تقدّمه الأمم المتحدة للقادة الدينيين وللأطراف الفاعلة في العراق من أجل تعزيز التعافي وبناء الثقة والمصالحة والتماسك الإجتماعي من خلال مجابهة خطاب الكراهية.

وقد أعربت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمستشارة الخاصة المعنية بمنع الإبادة الجماعية، السيدة أليس نديريتو قائلة: “إنّ المضي قُدُماً وتحقيق السلام وبناء مستقبل مشترك يستلزم المساءلة ويستلزم كذلك إعادة بناء النسيج الإجتماعي في البلاد من أعلى المستويات في المؤسسات الحكومية في بغداد إلى أصغر القرى في قلب البلاد. وهذا الأمر منوطٌ بكل فرد من أفراد مواطني العراق، وإنّ لزعمائهم الدينيين دورُ يضطلعون به، ويستلزم ذلك مشاركة كافة الطوائف، ونحن هنا لتقديم الدعم لكم”.

وقالت نائبة الممثلة الخاصة للأمين العام والمنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في العراق ، السيدة إيرينا فوياشكوفا-سوليورانو: “تعي الأمم المُتّحدة الدور الهام الذي يلعبه القادة الدينيون في تعزيز التعايش ودرء العنف والتطرف ، وتلبية إحتياجات الشعب العراقي ومعالجة مظالمه. وفي الوقت الذي نُقرّ فيه بأنّه يقع على عاتق الحكومة المسؤولية الرئيسية في حماية السكان، إلا أنّه على العديد من الأطراف الفاعلة ، مثل القادة الدينيين الذين يتمتعون بتأثير قوي على سلوك و حياة من يتبعونهم بالمُعتقد، الإضطلاع بدور هام في تعزيز الاحترام المتبادل في المجتمعات؛ ولهذه الأسباب تحظى فعالية هذا اليوم بالأهمية.”   

هذا وقد شدّد المستشار الخاص ورئيس فريق التحقيق (يونيتاد)، السيد كريستيان ريتشر، في كلمته الإفتتاحية على “أنّ ضمان المساءلة عن الجرائم الدولية التي إرتكبها تنظيم داعش وتحقيق العدالة للضحايا من جميع الطوائف العراقية يُعّد أمراً جوهرياً لضمان قيام مصالحة قابلة للتطبيق في العراق”، مضيفاً بقوله: “جاء بيان الأديان بمثابة إقرار مهم من القادة الدينيين بالمعاناة الهائلة التي تكبدتها المكونات العراقية نتيجة لجرائم تنظيم داعش. ولقد عكس البيان جوهر ما يُؤمن به فريق التحقيق (يونيتاد) وما تؤمن به الأمم المتحدة في نطاقها الأوسع، ألا وهو: لا يوجد تفاضل بين الضحايا. لقد كان لحجم جرائم تنظيم داعش الأثر على كافة المُجتمعات والأديان في العراق، وبالنسبة لنا كُلّ ضحية من ضحايا الجرائم الدولية هذه هي ضحية مهمة، من جميع المكونات التي عانت من جرائم تنظيم داعش.”

وأعربت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق السيدة زينة علي أحمد بالقول: “إنّ مؤتمر اليوم يوضّح نهجاً موحداً لبناء السلام في العراق، حيث يُعدّ التعامل مع القادة الدينيين في جميع أنحاء البلاد أمراً أساسياً لتعزيز التلاحم بين الجماعات وخطوة ضرورية لبناء نسيج إجتماعي قوي. ويلتزم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالعمل مع شركائنا لضمان دعم جميع العراقيين خلال الرحلة نحو السلام المُستدام من خلال عملنا المستمر لتعزيز الخطاب الديني المعتدل، ومنع التطرف العنيف، ومكافحة خطاب الكراهية، وتشجيع المصالحة وإعادة دمج النازحين داخلياً للعودة إلى مجتمعاتهم.”

وكرر كبار مسؤولي الأمم المتحدة خلال المؤتمر إلتزامهم الكامل والراسخ تجاه ضحايا جرائم داعش، التي استهدفت مجموعة واسعة من المكونات سواء كانت مسيحية أو كاكائية أو شبك أو شيعية أو تركمان أو سُنة أو أيزيديين.

ناقش المشاركون في المؤتمر التحديات وفرص ضمان إمكانية تحقيق العدالة لجميع الضحايا وللناجين، مع تسليط الضوء على أهمية مساءلة الجناة من تنظيم داعش عن الإدعاءات الخطيرة بإرتكابهم للجرائم الدولية، ومن خلال المحاكم الوطنية.

وجدد القادة الدينيون الحاضرون إلتزامهم بالحوار والتفاهم المتبادل بين الطوائف الدينية في العراق في المناطق الأكثر تأثراً بجرائم تنظيم داعش. وقد حدد المشاركون أيضاً التحديات التي واجهها الناجون من جرائم تنظيم داعش، لا سيما أولئك الذين تعّرضوا للجرائم الجنسية وتلك القائمة على النوع الاجتماعي، وخاضوا أيضاً في غمار المزيد من أساليب التنسيق مع الكيانات المستضيفة التابعة للأمم المتحدة لإشراك المكونات الدينية في العراق بشكل فعّال في تعزيز المساءلة كجزء لا يتجزأ من تماسك إجتماعي قابل للتطبيق.

وكرر القادة الدينيون والأطراف الفاعلة الإلتزام الذي تجسّد في بيان الأديان الصادر في شهر آذار/مارس من عام 2020 وجدّدوا نبذهم وإدانتهم للعنف الذي ارتكبه تنظيم داعش بإعتباره مخالفاً تماماً لمعتقداتهم. وشدّد البيان أيضاً على أنّ أفراد جميع الأديان في أنحاء العراق قد تأثروا بجرائم تنظيم داعش، وأنه يجب دعم جميع الناجين في جهودهم للمضي قُدماً في حياتهم داخل المكونات التي ينتمون لها. واستند البيان المشترك بين الأديان إلى خطة عمل مكتب المستشار الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية الموجهة إلى القادة الدينيين والجهات الفاعلة لمكافحة التحريض الذي يمكن أن يؤدّي إلى إرتكاب جرائم فظيعة.

انخرط برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بعد التحرير من تنظيم داعش، من خلال برنامج التماسك الاجتماعي مع أكثر من 2500 من القادة، وقام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق مؤخراً خلال الفترة 2021-2022 بتيسير منتديات حوار بين 300 من القادة الدينيين من مختلف الطوائف في الأنبار وديالى ونينوى وصلاح الدين، كما قدّم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي التدريب الى 82 قائداً من القادة الدينيين من مختلف الأديان حول الخطاب الديني المعتدل ومكافحة خطاب الكراهية، ودعم إنشاء شبكة تعايش لتعزيز الحوار والتعايش والتسامح بين المكونات المستهدفة في الأنبار وبغداد وأربيل ونينوى.

Exit mobile version