تمور الجنوب العراقي… كنزٌ يتلألأ على موائد العالم”

بقلم✍🏼 عبير عبد الوهاب أحمد
بغداد 24 _ العراق
في أرض الجنوب، حيث تتعانق الشمس مع نخيلٍ شامخٍ كالعزّة، تُولد حكاية عراقية عتيقة اسمها التمر.
هذا الكنز الذهبي الذي لم يخذل الأرض يومًا، بات اليوم واحدًا من أعمدة الاقتصاد العراقي، يعبق بنكهة التاريخ، ويحمل في كل حبة منه قصة صبرٍ وكفاح.
إرثٌ من المجد.. وصادرات تلامس السماء
يُعد العراق من أقدم منتجي التمور في العالم، وتشكل تمور الجنوب تحديدًا – مثل الزهدي والخستاوي والمجهول والبرحي – جوهر هذا الإرث.
ورغم العقود العجاف التي مرت على البلاد، استعادت التمور العراقية بريقها مؤخرًا، إذ تم تصدير أكثر من 730 ألف طن إلى أكثر من 22 دولة، من بينها الهند وتركيا ومصر والإمارات، وحتى أسواق أوروبا وأمريكا.
هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل شهادة حية على قدرة هذا القطاع على النهوض وسط العواصف، وجعله موردًا استراتيجيًا لا يُستهان به.
لكن، ورغم هذا النجاح، لا تزال بعض التحديات تُثقل كاهل قطاع التمور.
أبرزها تصديرها كمواد خام دون تعبئة أو تغليف عصري، ما يؤدي إلى فقدان ما يقارب 40% من قيمتها في الأسواق العالمية.
في كثير من الأحيان، تُصدّر التمور العراقية لتُعاد تعبئتها في دول أخرى وتُباع بأضعاف سعرها الأصلي، وكأن هذا المنتج العريق بحاجة إلى “هوية تغليف” جديدة ليستعيد مجده!
أدركت الجهات المعنية هذه الفجوة، فبدأت بوضع خطط جديدة لتطوير زراعة النخيل، وزيادة إنتاجية التمور وتحسين جودتها، إلى جانب الاستثمار في المعامل والمصانع الخاصة بالتعليب والتغليف الحديث.
كما تسعى وزارة الزراعة إلى إدخال تقنيات الري الحديثة ومكافحة الآفات، لضمان استدامة هذا القطاع وتحويله إلى رافد اقتصادي ثابت في ظل تقلبات أسعار النفط.
تمور الجنوب ليست مجرد محصول زراعي، بل ذاكرة وطن، وكنزٌ طبيعي ناضج بالعراقة والمذاق الفريد.
فإذا كان النفط “ذهب العراق الأسود”، فإن التمور هي “ذهبه الحلو”… طعمٌ لا يُنسى، وقيمة لا تُقدّر بثمن.
فلنصنه، ونُحسن تسويقه، لنرى اسم العراق يتلألأ على رفوف العالم، من خلال حبة تمر، حملت دفء الأرض وكرم الجنوب.