مجلس القضاء الأعلى يوجّه رسالة حاسمة للقوى السياسية: احترام المدد الدستورية… ورفض زجّ القضاء في صفقات اختيار الرئاسات

بغداد 24 _ العراق
28 تشرين الثاني 2025
في ظل تعقيد المشهد السياسي العراقي وتأخر تشكيل السلطتين التشريعية والتنفيذية، أصدر مجلس القضاء الأعلى بياناً شديد اللهجة في جلسته الخامسة عشرة وجّه فيه رسالة مباشرة إلى القوى السياسية، دعا خلالها إلى ضرورة الالتزام بالتوقيتات الدستورية بوصفها ضمانة لاستمرار الشرعية الدستورية وحماية استقرار الدولة.
وأكد المجلس أن تجاوز المدد المحددة لتشكيل المؤسسات الدستورية أصبح ظاهرة خطيرة تُفتح معها أبواب التدخلات الخارجية والضغوط السياسية وإعادة توزيع النفوذ بعيداً عن الأطر القانونية، مشدداً على أن احترام الدستور ليس خياراً سياسياً، بل التزاماً يفرضه النظام الديمقراطي.
وشهد البيان فقرة وُصفت بأنها “الأوضح والأكثر حساسية” في خطاب القضاء خلال السنوات الأخيرة، إذ رفض المجلس بشكل قاطع زجّ اسم المؤسسة القضائية — كمؤسسة أو كقضاة — في أي نقاشات أو تفاهمات تتعلق باختيار رؤساء السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولا سيما منصب رئيس الوزراء.
وأوضح المجلس أنه لا يدعم ولا يتبنى أي رأي تجاه أي مرشح لرئاسة الحكومة، محذراً من محاولات بعض الأطراف السياسية استخدام اسم القضاء لتمرير خيارات سياسية أو تبرير اتفاقات تُعقد خلف الكواليس.
ويمثل هذا الموقف، وفق مراقبين، تكريساً واضحاً لمبدأ الفصل بين السلطات، ورسالة بأن القضاء يتمسك بدوره الدستوري كحَكَم محايد لا طرف في الصراع السياسي. كما يحمل – في بعده الخارجي – إشارة طمأنة للمجتمع الدولي بشأن استقلالية المؤسسة القضائية العراقية وسط تصاعد المخاوف من محاولات التأثير عليها.
ويبدو أن القضاء، عبر هذا البيان، أراد وضع حدّ للتأويلات السياسية التي حاولت توسعة دوره خارج صلاحياته الدستورية، مؤكداً أن “حدود القانون تبدأ من حيث تنتهي لعبة السياسة”، وأن حماية الدولة لا تتحقق إلا عندما تبقى المؤسسات فوق الصراعات، لا أدوات داخلها.



